[٨٧٨] في حديث كعب بن مالك (١): (حِينَ تَوَاثَقَنَا عَلَى الإِسلام)؛ أي: بايعنا وأكدنا البيعة، وقوله:(فَجَلَا لِلمُسلِمِينَ أَمَرَهُم)؛ أَي بَيَّن، (فَأَخبَرَهُم بِوَجهِهِم)؛ أي: بقصدهم وسفرهم، وقوله:(فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ)؛ أي: أميل، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨]، وفي الحديث:(يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِم إِلَّا أَصْعَر أَوْ أَبْتَر)(٢)؛ يريد قلة دينهم، وإعراضهم عن الحق.
وقوله:(حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ)؛ يعني: حتى جَدَّ أمر الخروج، وقوله:(وَتَفَارَطَ الغَزْوُ)؛ يقال: فَرَطَ يَفْرُطُ: إذا تقدم، وفرط مني أمر أي: بدر، وتفارط الغزو وتفرط أي: فات وتقدم، وفي الدعاء في الصلاة على الطفل الميت:(اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا)(٣)؛ أي: أجرا يتقدمنا، وفي الحديث:(أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ)(٤)؛ أي: أتقدمكم إليه، وفي الحديث:(أَنَا وَالنَّبِيئُونَ قُرَّاطٌ لَقَاصِفِينَ)(٥)، القاصفون: الذين يزدحمون، يقول: نحن نتقدم الأمم إلى الجنة، وهم على أثرنا يزدحمون، حتى يكسر بعضهم بعضا بِدَارًا إليها.
(١) أخرجه مسلم برقم: ٢٧٦٩، وأخرجه البخاري برقم: ٤٤١٨. (٢) لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ مسندا، وهو مما تناقله أهل الغريب واللغة، ينظر: العين: ١/ ٢٩٨، وتهذيب اللغة: ٢/ ١٨، والغريبين: ٤/ ١٠٧٨، وغريب ابن الجوزي: ١/ ٥٩٠، والنهاية: ٣/ ٣١، وورد مسندا موقوفا على عبد الله بن عمرو بلفظ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ لَيْسَ فِيهِم مُؤْمِنٌ)، رواه الحاكم في المستدرك برقم: ٨٣٦٥، وهو عند الخلال في السنة برقم: ١٦٠٩، والآجري في الشريعة برقم: ٢٣٦. (٣) من قول الحسن، أخرجه البخاري في باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة. (٤) متفق عليه البخاري برقم ٦٥٧٥، ومسلم برقم: ٢٢٨٩. (٥) أخرجه الطبراني في الكبير برقم: ٩٣٣.