(فَيَضَعُهَا فِي حَقِّهَا) أي: في مستحقها، وكذلك قوله:(فَيَضَعُهَا فِي مَوضِعِهَا).
[٣٢] وفي حديث أبي هريرة: (إِنَّ الله طَيِّبٌ لَا يَقبَلُ إِلَّا طَيِّبًا)(١) أي: إن الله متقدس طاهر لا يقبل إلا طيبا، إلا ما صفا وخلص، قيل: خلص من الرياء، وقيل: خلص من شَوْب الشبهة، وقوله:(وَغُذِيَ بِالحَرَام) أي: رُبِّي، يقال: غذوته أغذوه، وغُذِي فعل ما لم يسم فاعله، وقوله:(فَأَنَّى يُستَجَابُ لِذَلِكَ!) أي: إن الرجل وإن اجتهد كل الاجتهاد في العبادة وقوته حرام، فدعاؤه لا يستجاب.
[ومن باب اتقوا النار ولو بشق تمرة]
[٣٣] فيه تعظيمُ أمر الصدقة وإن قلَّتْ، وفي حديث عدي:(فَيَنظُرُ أَيمَنَ مِنْهُ)(٢) أي: عن يمينه أي جهة اليمين، (وَيَنظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ) أي جهة الشمال، وأيمن وأشأم ظرفان، وكذلك (بَينَ يَدَيهِ) و (تِلقَاءَ وَجهِهِ)، وقوله:(وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).
في الحديث: دليل على ما يستقبلُ الخلقَ من أهوال القيامة وشدة العذاب، وأن القليل من الصدقة تُرجى به النجاة، وفيه: أن من لا يجد ما يتصدق به يُظهر البشر للناس، ويخاطبهم بالكلام الطيب، وقوله:(أَشَاحَ): أشاح بوجهه أي: حَذِر عند ذكر النار، عما كان يعلمه من هول أمر النار، وفي الحديث: تخويف من النار، فكان يحذر هذا الحذَر، فكيف بمن لم يُؤَمَّن (٣).
(١) برقم: ١٠١٥، وأخرجه أحمد برقم: ٨٣٤٨. (٢) حديث الباب عن عدي بن حاتم أخرجه مكررا برقم: ١٠١٦، وأخرجه البخاري برقم: ١٤١٣ - ٦٣٣٩. (٣) التقدير هنا: إن كان رسول الله ﷺ وهو الذي أمنه الله تعالى من العذاب يحذر كل هذا الحذر، فكيف بمن لم يُؤَمّن.