وفي الحديث:(صُومُوا الشَّهرَ وَسِرَّه)(١) أراد وسطه، يعني: الأيامَ البيض، وقال الأوزاعي: سِرُّه أولُه، وقيل: العرب تسمى الهلال شهرا، قال ابن السكيت: سِرَار الشهر وسَرَاره بالكسر والفتح يعني: آخره، وقال الفراء: الفتح أجود (٢)، وروي:(مِنْ سُرَّةِ هَذَا الشَّهْرِ)(٣) أي: من وسطه.
[ومن باب ما جاء في ليلة القدر]
[٨٩] حديث ابن عمر: ﵁(أَرَى رُؤيَاكُم قَد تَوَاطَأَت فِي السَّبعِ الأَوَاخِرِ)(٤) أي: توافقت، وقوله:(تَحَرَّوا لَيْلَةَ القَدرِ) يقال: فلان يَتَحَرَّى الأمر أي: يَقْصده، وقوله:(فِي السَّبع الغَوَابِرِ) أي: البواقي، قال الله ﷿: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: الآية ١٧١]، أي: الباقين، وفي رواية:(فَلَا يُغلَبَنَّ عَنِ السَّبْعِ البَوَاقِي)(٥) وقوله: (تَحَيَّنُوا لَيْلَةَ القَدرِ) الحِينُ الزمان، قليلهُ وكثيرُه، وتَحَيَّنْتُه طلبت وقتَه، وحَيَّنْتُ الشاة جعلت لها وقتا في الحَلْبِ، قال:
إذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَك أَفْنُها … وإن حُيِّنَت أَرْبَى على الوَطْبِ حِينُها (٦)
والأَفْنُ: ألا يجعل لها وقتا للحلب، وحان حين كذا، أي: قَرُب، قالت:
وَإِنَّ سلُوِّي عَنْ جَميلٍ لَساعَةٌ … من الدّهرِ ما حانَت وَلا حان حِينُها (٧)
(١) رواه أبو داود برقم: ٢٣٢٩. (٢) الغريبين: ٣/ ٨٨٦، وقوله الأوزاعي عند البيهقي في السنن الكبرى: ٧٩٧٠. (٣) رواه مسلم برقم ١١٦١، أورده في الباب الذي قبل (باب صوم سرر شعبان). (٤) أخرجه برقم: ١١٦٥، وكذا البخاري برقم: ٢٠١٥. (٥) الرواية بلفظ: (على السبع)، وهي بلفظ المؤلف عند ابن حبان ٣٦٧٦. (٦) للمخبل التميمي، ينظر: الفاخر لأبي طالب ١٣٧، الأزمنة والأمكنة للأصفهاني ٣٠٩. (٧) لبثينة بنت حبأ القضاعية، يوم بلغها وفاة جميل بن معمر، ينظر: أمالي القالي ١/ ٢٠٢، الأغاني =