وقوله:(أَنِّي لَا أَرَى لِي أُسوَةٌ)؛ أي: أحدًا فعل مثل فِعْلي فأتأسى به، (إِلَّا رَجُلًا مَغمُوصًا عَلَيهِ فِي النِّفَاقِ)؛ يقال: غَمِصَ فلانٌ الناس؛ أي: احتقرهم، فقوله:(إِلَّا مَغمُوصًا عَلَيهِ)؛ أي: إلا من يحتقره المسلمون لنفاقه، وفي حديث عمر ﵁:(أَتَغْمِصُ الفُتْيَا)(١): أي: أتستهين به وتحقره؟، وفي حديث علي ﵁ لما قتل ابن آدم أخاه:(غَمِصَ الله الخَلْقَ)(٢)؛ قيل: نقصهم من الطول والعرض، والقوة والبطش.
وقوله:(حَبَسَهُ بُردَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطَفَيهِ)؛ يعني إعجابه بنفسه ولباسه، وإيثار الدَّعَة والراحة، وقوله:(رَأَى رَجُلًا مُبيَضًّا)، أو:(مُبَيِّضًا)(٣)؛ أي: عليه ثيابُ بَيَاضٍ، (يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ)؛ أي: يظهر خياله، أي: يَبِينُ أثر مشيه وركوبه في السّراب، وقوله:(كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ)؛ لفظه أمرٌ؛ ومعناه خبرٌ، أي: هو أبو خيثمة، ويجوز أن يكون المعنى: اللهم اجعله أبا خيثمة، وقوله:(لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ)؛ أي: عابوه، وقوله:(حَضَرَنِي بَثِّي)؛ أي: حزني، وقوله:(زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ)؛ أي: ذهب وزال، وقوله:(فَأَجمَعتُ صِدقَهُ)؛ أي عزمت على أن أَصْدُقَه، وقوله:(صَبَّحَ قَادِمًا)؛ صَبَّحَ: من الصباح؛ وهو نور النهار، يقال: صَبَّحَ؛ أي: أتى وقت الصّباح، وأنا آتيه أُصبُوحَة كلِّ يوم، وأتانا لِصُبْحِ خامسةٍ، ولقيته ذا صَبَاحٍ؛ أي:
(١) قصة قبيصة بن جابر مع عمر، أخرجها الطبري في التفسير برقن: ١٢٦٨٦، وهي كذلك عن الطبراني في الكبير برقم: ٢٥٨، لكن بلفظ: (وتتعد الفتيا)، والبيهقي بذلك في السنن الكبرى برقم: ٩٨٦١. (٢) لم أقف عليه مسندا، وهو في كتب الغريب واللغة، ينظر: غريب ابن قتيبة: ١٤١/ ٢، والغريبين: ١٣٨٨/ ٤، والفائق: ٧٧/ ٣. (٣) قال عياض ﵀: (وقوله: رأى رجلا مُبَيِّضا: بفتح الباء وكسر الياء، كذا ضبطناه على أبي بحر؛ أي: لابس بياض، قال ثعلب: يقال: هم المُبَيِّضَة والمُسَوِّدَة، وضبطه غيره: مُبْيَضًّا، وهو أوجه هنا، لأنه إنما قصد إلى صفته في ذاته)؛ مشارق الأنوار: ١/ ١٠٧.