﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ [الكهف: ٤٥]، قال بعض أهل العلم (١): في قوله: (لَئِن قَدَرَ اللهُ عَلَيَّ)، أي: ضَيَّق علي، وناقشني الحساب ليعذبني عذابا شديدا، قيل: لم يجهل إحياء الموتى، ولكنه ابتدع بدعة في إحراقه نفسه، معتقدا أن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، قيل: ولإيقانه بوحدانية الله، ولخوفه من ربه؛ أمر ولده أن يحرقوه، وحَسِب أن ذلك غايةُ الخوف، فلذلك غفر له ربه، ولو كان شاكا ما غفر له.
[٨٧٦] وقوله: (أَذنَبَ عَبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذُّنبَ)(٢)، فيه دلالة أن المذنب ما دام معترفا بوحدانية الله؛ يغفر الله ذنبه على ما كان فيه، وقوله:(اعْمَل مَا شِئتَ)، على أنه لا يعمل ذنبا بعد المغفرة؛ إذ وفقه للتوبة والطاعة، وإذا عمِل عمِلَ بالواجب، وهذا حديث مرجو.
وقوله:(وَاللهُ أَشَدُّ غَيرًا)(٣)، أي: غيرة، يقال: غار على أهله يغار غَيْرَةً [وغَيْرًا]، والغَيْرَة في صفات الله تعالى مما لا يُكَيَّف.
[٨٧٧] وقوله في حديث التوبة (٤): (فَنَاءَ بِصَدرِه)(٥) أي: نهض، يقال: ناء فلان بحمله: إذا نهض به متثاقلا.
(١) ينظر: تفسير الموطأ للقنازعي: ١/ ٣٠٦، وكذلك شرح ابن بطال: ١٠/ ١٩٢. (٢) حديث أبي هريرة: أخرجه مسلم برقم: ٢٧٥٨، وأخرجه البخاري برقم: ٧٥٠٧. (٣) حديث أبي هريرة: أخرجه مسلم برقم: ٢٧٦١. (٤) حديث أبي سعيد: أخرجه مسلم برقم: ٢٧٦٦، وأخرجه البخاري برقم: ٣٤٧٠. (٥) لفظ مسلم: (نَأَى بِصَدْرِه)، قال النووي: (ويجوز تقديم الألف على الهمزة وعكسه) شرح مسلم: ١٧/ ٨٤.