النبي ﷺ من البيداء، وإنما أحرم من عند الشجرة، (والرُّغبَى)(١) على وزن فُعلى الرغبة، وكذلك (الرَّغْبَاء) على وزن فعلاء، وقوله:(تَلَقَّيتُ التَّلْبِيَةَ)(٢) وفي نسخة: (تَلَقَّفتُ التَّلْبِيةَ) ومعناهما واحد.
قال قوم من أهل العلم (٣): لا بأس للرجل أن يزيد على ما ورد في التلبية من الذكر لله ﷿، وقال آخرون (٤): لا ينبغي أن يُزاد في التلبية على ما قد علمه رسول الله ﷺ الناس، وسمع سعد رجلا يلبي يقول: لبيك ذا المعارج لبيك، فقال سعد:(مَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ (٥)، وقد رُوي عن أبي هريرة ﵁ أنه كان يقول:(كَانَ مِن تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَبَّيكَ إِلَهَ الحَقِّ)(٦) وروي عن ابن عمر ﵁ أنه كان يزيد في التلبية ما ذكره مسلم (٧).
وفي الحديث دليل على رفع الصوت بالتلبية لما فيها من التوحيد، وفي ذلك: اكتساب الأجر وطرد الشيطان، وفيه دلالة أن العبارة عما في الضمير أوكد
(١) ينظر: المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم (٣/ ٢٧٠)، وشرح النووي (٨/ ٨٨). (٢) رواية السجزي لصحيح مسلم، جاء في إكمال المعلم ٤/ ١٧٧ (تلقفت التلبية من رسول الله ﷺ بالفاء، قال الإمام: أي أخذتها بسرعة، ويروى: (تلقنت) بالنون، قال القاضي: بالفاء رواية الكافة، وقد رويناها (تلقيت) بالياء من طريق السجزي، ومعانيها متقاربة). (٣) الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل وأبو ثور، ينظر: الاستذكار ٤/ ٤٤، مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود: ١٧١، المبسوط ٤/ ١٨٧. (٤) على هذا مالك والشافعي، ينظر الاستذكار: ٤/ ٤٤، الأم: ٢/ ٢٢٤. (٥) رواه أحمد برقم ١٤٧٥، وابن أبي شيبة: ١٣٤٦٧، والطحاوي في معاني الآثار: ٣٥٦٢، واللفظ له. (٦) رواه أحمد برقم: ٨٦٢٩، والنسائي برقم: ٢٧٥٢. (٧) وهو قوله: (لبيك لبيك، وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل)، أخرجه البخاري برقم: ١٥٤٠، ومسلم برقم: ١١٨٤.