قال أبو داود: رواه بشرُ بنُ المفضَّل ومالكٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، قال فيه:" أتحلِفُون خمسين يميناً وتستحِقُّون دَمَ صاحِبِكم -أو قاتلِكم-؟ " ولم يذكر بِشرٌ دماً. وقال عِدَّةٌ، عن يحيى كما قال حمادٌ. ورواه ابن عُيينة، عن يحيى، فبدأ بقوله:"تُبرِّئكم يهودُ بخمسينَ يميناً يحلِفُونَ" ولم يذكُرِ الاستحقاقَ.
وهذا وَهمٌ مِن ابنِ عُيينةَ.
٤٥٢١ - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني مالكٌ، عن أبي ليلى بنِ عبد الله بنِ عبد الرحمن بنِ سهْلٍ
= وظاهر لفظ هذا الحديث حجة لمن رأى وجوب القتل بالقسامة، وهو قوله: "وتستحقون دم صاحبكم". وقوله: "فيدفع برمته". وإليه ذهب مالك وأحمد بن حنبل وأبو ثور. وروي ذلك عن ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والشافعي وإسحاق بن راهويه: لا يقاد بالقسامة إنما تجب الدية. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن البصري وإبراهيم النخعي. وقد روي أيضاً عن النخعي أنه قال: القسامة جور، شاهدان يشهدان؟! وكان الحَكَمُ لا يرى القسامة شيئاً. قلت: وتأويل هؤلاء قوله: "وتستحقون دم صاحبكم" أي: دية صاحبكم؛ لأنهم يأخذونها بسبب الدم، فصلح أن يسمى ذلك دماً. وقد روي من غير هذا الطريق: "إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب"، فدل ذلك صحة هذه التأويل. قلت: ويشبه أن يكون إنما وداه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من قِبَلِه للعهد الذي كان جعله لليهود فلم يحب أن يبطله ولم يحب أن يهدر دم القتيل، فوداه من قبله وتحملها للإصلاح بينهم.