ثم حلق في حجة الوداع، وقوله:(تَشَعَّفَت بِالنَّاسِ أو تَشَعَّبَت بِالنَّاسِ) أي: استحقتهم وذهبت بهم، من قوله:(قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا)(١) أي: ذهب بقلبها، ويجوز بالغين المعجمة (٢)، وتشعَّبت بهم أي تفرقت بهم، وتفشَّعت فيهم أي: انتشرت فيهم، قال ساعدة الهذلي:
وروي (يشْعَبُ) بالعين المهملة، وروي (وحب) بفتح الحاء، والمعنى تركت هذه المرأةُ مكالمتنا ومحادثتنا وتجنَّبَتنا، ولقد حُبِبَ من يَتجنَّب، و (عَدت عَوادٍ) أي: صرفت صوارفُ (دون وَلْيِك) أي: دون قربِكِ أي: إن تلك العوادي قصرت عن الوَلْيِ؛ فلم تمتلكه ولم تبلغ مرادها منه.
قيل: حبَّ؛ أصله حَبُبَ، ولم يأت عن العرب (فَعُل) مضعَّفًا إلا في أربعة أحرف (٤): حَبُبتَ ولَبُبتَ وشَرُرتَ (٥) ودَمُمتَ، وقوله:(من يتجنب) في موضع الفاعل لحَبَّ، وقيل حُبَّ مما نُقِلَ فيه الحركة من العين إلى الفاء، قال:
وحُبَّ بِهَا مَقْتُولَة حين تُقْتَلُ (٦)
(١) قراءة شاذة للآية: ٣٠ من سورة يوسف، قرأ بها الحسن البصري وأبو رجاء. (٢) (تشغفت): وهي الرواية الأثبت التي عليها عامة الرواة والشراح، قال القاضي عياض: (روايتنا فيه هنا في الحرف الأول: تشغفت بالشين والغين المعجمتين، وبعدهما الفاء أخت القاف) الإكمال ٤/ ٣٢٣. (٣) القائل ساعدة بن جؤية الهذلي، ينظر أمالي القالي: ٢/ ٢٢٩٦، تهذيب اللغة: ٨/ ٥٦، جمهرة الأمثال: ١/ ٣٨٣. (٤) ينظر المنصف لابن جني: ٢٤٠. (٥) كتبت في الأصل على ما يشبه: (شربت). (٦) عجز بيت للأخطل، يمدح به خالد بن عبد الله بن أسيد، وصدره: (فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها)،=