فلما بدأ ليقرأه قال مالك بن أنس لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين، أدركتُ أهل العلم ببلدنا وإنهم ليحبون التواضع للعلم. ونزل هارون عن المنصة فجلس بين يديه (١).
قال ابن ناصر الدين: وقد رويت هذه القصة أطول من هذا عن عبد الله بن وهب، وهذه أمثل.
وأخرج الخطيب عن أبي بكر ابن أبي زيد الزبيري قال: قال الرشيد لمالك: لم نرَ في كتابك ذكراً لعلي وابن عباس، فقال: لم يكونا ببلدي، ولم ألقَ رجالهما.
وذكر الدّولابي عن حسين بن عروة قال: قدم المهدي المدينة فبعث إلى مالك بألفيّ دينار أو بثلاثة آلاف. ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال له: أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام. فقال مالك: قال رسول الله ﷺ: «والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»(٢)، والمال عندي على حاله (٣).
[محنة الإمام مالك]
وأمّا سبب محنته ﵀ ومَن ضربه فيها فاختلف فيهما:
فروى ابن عبد البر بسنده عن مروان الطاطري أن أبا جعفر
(١) أورد القصة الإمام الذهبي في السير مختصرة (٨/ ٦٦). (٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (٢/ ٣٧)، والإمام مسلم في صحيحه (الحج: ٤٨٧، ٤٩٧). (٣) ترتيب المدارك (١/ ٣١٠)، وإتحاف السالك (ص ٤٨).