الشاهد قوله في الحديث:(فَأَقْلَبُوهُ) بالهمزة، وعلى هذا جميع روايات مسلم، وأنكر ذلك عامة أهل اللغة والغريب، وقالوا صوابه:(قَلَبُوه) بغير همز، قال الأصمعي:(ولا يُقالُ: أَقْلَبَتُه)(١)، وقال القاضي عياض ﵀:(كَذَا جَاءَتْ فِيهِ الرِّوَايَاتُ فِي كِتَابٍ مُسلِم صَوَابُه فِي كُلِّ هَذَا قَلَبْناهِ، أَي: رَدَدْنَاهُ وَصَرَفنَاهُ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ: أَقلَبَ)(٢)، وقال ابن الأثير:(هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ مُسلِمٍ، وَصَوَابه قَلَبنَاه: أي: رَدَدْناهُ)(٣).
وخالف في هذا الإمام الأصبهاني، وصحح هذه اللغة واعتبرها لغة قليلة، فقال:(وَقَولُهُ: فَأَقْلَبُوهُ، لُغَةٌ فِي: قَلَبُوهُ، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ)(٤)، وهو ما احتجَّ به الإمام النووي في إثبات الخلاف في هذا اللفظ، قال:(فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسلِمٍ فَأَقلَبُوه بِالأَلِفِ، وَأَنْكَرَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالغَرِيبِ وَشُرَّاحِ الحَدِيثِ، وَقَالُوا: صَوَابُه قَلَبُوه بِحَذفِ الأَلِفِ، قَالُوا: يُقَالُ: قَلَبَتُ الصَّبِيَّ وَالشَّيءَ: صَرَفتُه وَرَدَدتُه، وَلَا يُقَالُ: أقلَبتُه، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ أَقلَبُوهُ بِالْأَلِفِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، فَأَتْبَتَهَا لُغَةٌ، وَاللهُ أَعلَمُ (٥).
وكذا صنيع ابن حجرَ في الفتح حيث قال:(وَذَكَرَ ابن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِه أَقلَبنَاهُ، بِزِيَادَةِ هَمَزَةِ أَوَّلِهِ، قَالَ: وَالصَّوَاب حَذفها، وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ لُغَةً)(٦)،
(١) ينظر إكمال المعلم: ٧/ ٢٥، والمفهم: ٥/ ٤٧٠. (٢) مشارق الأنوار: ٢/ ١٨٥. (٣) النهاية ٤/ ٩٧. (٤) ص ٥١٠ من هذا الكتاب (التحرير). (٥) شرح مسلم: ١٤/ ١٢٨. (٦) فتح الباري: ١٠/ ٥٧٦.