وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة؛ حاملا كانت أو غير حامل، روي ذلك عن عمر ﵁، وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي (١).
وقالت طائفة ثالثة: لها السكنى ولا نفقة لها، وإليه ذهب مالك والشافعي (٢)، وحجتهم قوله ﷿: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ [الطلاق: ٦]، فأوجب السكنى عاما، وأما نقل النبي ﷺ إياها من بيت أحمائها إلى بيت ابن أم مكتوم؛ ففيه اختيار موضع السكني؛ لا إبطال السكنى.
وقد اختلفوا في سبب ذلك فقالت عائشة ﵂:(كَانَت فَاطِمَة فِي مَكَانٍ وَحشٍ، فَخِيفَ عَلَيْهَا فَرَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ في الانتِقَالِ)(٣)، وقال سعيد بن المسيب: إنما نقلت عن بيت أحمائها لطول لسانها (٤)، ومعنى قولها:(البَتَّةَ)، أي: الثلاثة، وقد روي أنها كانت آخر تطليقة بقيت لها من الثلاث.
وفي الحديث من الفقه أن خطبة النبي ﷺ إياها لأسامة على خطبة معاوية وأبي الجهم؛ أن الركون منها إليهما لم يوجد، وفي حديث النبي ﷺ:(لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)(٥)، يعني إذا أذنت المخطوبة في إنكاح رجل بعينه؛ فلا يحل لأحد أن يخطبها في تلك الحال؛ حتى يأذن الخاطب الأول.
= ٧/ ٤٨٩، فتح الباري: ٩/ ٤٨٠. (١) قول عمر: عند مسلم ١٤٨٠، وقول الحنفية المبسوط: ٥/ ٢٠١، بدائع الصنائع: ٣/ ٢٠٩، وتنظر المراجع أعلاه. (٢) المدونة:٢/ ٤٨، بداية المجتهد: ٣/ ١١٣، الأم: ٥/ ٢٥٣، الحاوي: ١١/ ٤٦٠، وتنظر المراجع أعلاه. (٣) أخرجه البخاري برقم: ٥٣٢٥، وأبو داود برقم: ٢٢٩٢. (٤) سنن أبي داود: ٢٢٩٦، السنن الكبرى للبيهقي برقم: ١٥٧٢٦. (٥) متفق عليه البخاري برقم: ٥١٤٢، ومسلم: ١٤٠٨.