وقيل في بعضها: قال عمر: واللَّه لآتين أم سلمة، فليس منهن أمَسُّ بي رحمًا منها، فأتيتها فقلت: تسألين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لا يجد؟ ! واللَّه ما أراكِ تنتهين حتى يُنزل اللَّه تبارك وتعالى بك قارعة، قالت: سبحان اللَّه ما لك وللدخول بين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين أزواجه؟ بل أنت واللَّه ما أراك تنتهي حتى ينزل اللَّه عز وجل بك قارِعة، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: أطلقت نساءك؟ قال: لا، فأخبرته بما كان من شأني وشأن أم سلمة فضحك، فلما رأيت ضحكه وطيب نفسه قلت: يا نبي اللَّه، أنت بالمنزل الذي أنت به من اللَّه، وأنت على ما أرى، وكسرى وقيصر على سُرُر الذهب، وفُرُش الديباج، فقال:"يا عمر، أولئك قوم عَجّل اللَّه لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا"(١).
وقيل في بعضها: فدخلتُ على عائشة، وذلك قبل أن يوضع الحجاب، فقلت: يا ابنة أبي بكر، بلغ من أمرك أن تؤذي نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-! فقالت: يا ابن الخطاب، ما لي ولك؟ عليك بنفسك، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: إن كنت طلَّقت نساءك، فإن اللَّه تبارك وتعالى معك، وملائكتُه، وجبريل، وميكائيل، وأنا أيضًا، وأبو بكر، والمؤمنون، فَصَدّق اللَّه عز وجل قولي، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى:{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}، إلى آخر الآية (٢).
وقالت عائشة: لما نزل رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى نسائه، أُمر أن يخيرهن، دخل عليّ فقلت: يا نبي اللَّه إنك حلفت ألا تدخل علينا شهرًا، وقد مضى تسعة وعشرون يومًا؟ قال:"إن الشهر يكون تسعة وعشرين"، وقال:"سأذكر لك أمرًا، فلا تعجلي حتى تستشيري أباك"، فقلت: وما هو؟ فتلا علي آية التخيير إلى آخر
(١) رواه البخاري في صحيحه برقم ٤٩١٣، كتاب: تفسير القرآن، باب: قوله تعالى {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}، ومسلم برقم ١٤٧٩، كتاب: الطلاق، باب: في الإيلاء واعتزال النساء، بألفاظ قريبة من لفظ المصنف (ط ع الباقي). (٢) رواه مسلم في صحيحه برقم ١٤٧٩، الموضع السابق.