وكان بعد ذلك يُنَفِّل في البداءة، وإذا نفلوا وأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم حُنين وبرة من جنب بعير فقال:"يا أيُّها الناس، ما لي فيما أفاء اللَّه عليكم إلا الخُمُس، والخُمُس مردود عليكم، فأدّوا الخِياط والمَخيط، وإياكم والغُلول، فإنه عارٌ على أهله يوم القيامة"(١)، وقال:"وعليكم بالجِهاد في سبيل اللَّه فإنه باب من أبواب الجنة، ويُذهب اللَّه به الغَمّ والهَمّ"(٢).
وقيل: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكره الأنفال ويقول:"لِيَرُدَّ مُقْوي المؤمنين على ضعيفهم"(٣).
وروى ذلك أبو أمامة الباهلي، وعُبادة بن الصامت، وأنس، وابن عباس، وغيرهم بتقارب المعاني فيه، وروى سعد بعضه.
وروى عُبادةُ أنّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفَّل في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث (٤). ووافقه جماعة في هذه الرواية، ثم اختلفوا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال قوم: لا نَفَل بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه، وقال آخرون: ذلك منسوخ بقوله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}، فيعلم أن الأربعة الأخماس قد استحقها الجيش.
وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسئل عن الغنيمة فقال:"للَّه خُمُسها، وللجيش أربعةُ أخماس"، قيل: فهل أحد أحق به من أحد؟ قال: "لا ولا السهم تنزعه من
(١) من حديث رواه الإمام أحمد برقم ٦٧٢٩، وأبو داود برقم ٢٦٩٤، كتاب: الجهاد، باب: في فداء الأسير بالمال (ت الأرناؤوط)، عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-. (٢) رواه الإمام أحمد في مواطن منها رقم ٢٢٧١٩، عن عُبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه-. (٣) من حديث عبادة في اختلاف الصحابة في المغنم المتقدم قريبًا. (٤) من حديث الاختلاف المتقدم أيضًا.