ثم اختلفوا في الولاء، فقال قوم: الولاء لمن التقطه، وذكروا أن عمر رحمه اللَّه قال: لك ولاؤه وعلينا نفقته (١).
فأما قول من قال: إن اللقيط عبد لمن التقطه فلا وجه له، لأنه لا يخلو، أن يكون ابن مملوكةٍ فهو لمَولاها، لا يحِلُّ لملتقِطه أن يتملَّكه، أو يكون ابنَ حرة فهو حر.
وأما قول عمر: لك ولاؤه، يريد ولايته والقيامَ به، والثوابَ على تربيته، وعلى بيت المال نفقتُه.
وروي عن عائشة وابن عمر في أولاد الزنا: أعتقوهم وأحسنوا إليهم، لم فإن مخرجه في أمر الحرية، على الإعلام لهم بأنهم أحرار، وهذا جائز في الكلام كقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا يشتريه فيعتقه"(٢).
[مِلك الولدِ أباهُ والوالدِ ابنَهُ]
وليس يجوز بقاء مِلْكِ الوَلَد على الوالد، ولا مِلْك الوالد على الولد، لأنه يتنافى أن يكون أبًا عبدًا، أو ابنًا عبدًا، ألا ترى اللَّه عز وجل قال:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء: ٢٦]، وقال {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ
= المنبوذ: "الأمر عندنا في المنبوذ أنه حُر، وأن ولاءه للمسلمين، هم يرثونه ويعقلون عنه"، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ١٦٠) (ط العلمية): ". . . فذهب مالك والشافعي وجماعة من أهل الحجاز أن اللقيط حُرّ لا ولاء لأحد عليه. . . ". (١) رواه مالك برقم ٢١٥٥، كتاب: الأقضية، القضاء في المنبوذ. (٢) رواه مسلم (٤/ ٢١٨)، كتاب: العتق، باب: فضل عتق الوالد، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.