كانت الآيات الليِّنة تنزل بمكة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥] وما أشبه ذلك، فلما أخرجت قريش نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمهاجرين الأولين من مكة ووصل إلى المدينة، كان أول آية نزلت عليه يؤمر فيها بالقتال هذه الآيات:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
وكان أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه لما أُخرجوا قال: سيؤذن لنا في القتال، فنزلت الآيات إلى قوله عز من قائل:{وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، فأمر اللَّه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجهاد والغِلظة (١).
وقد احتج صعصعة بن صُوحان على عثمان رضي اللَّه عنه بهذه الآية، وقال له عثمان: فينا نزلت، لما أخرجنا من مكة مُكِّنّا وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، قال عثمان رحمه اللَّه: فهذه الآية لي ولأصحابي، وليست لك ولا لأصحابك (٢).
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم ١٨٦٥ و ١٨٦٥، والترمذي في سننه برقم ٣١٧١، أبواب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الحج، وقال: "حسن"، والنسائي في سننه برقم ٣١٧١، كتاب: الجهاد، باب: وجوب الجهاد، عن عبد اللَّه بن العباس -رضي اللَّه عنهما-. (٢) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ٣٨٢٤٧، كتاب: المغازي، ما جاء في خلافة عثمان.