٣٤ - قال اللَّه عز وجل:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}
وقال في الموضع الآخر:{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}[الحج: ٦٧].
قال مجاهد: هراقة دماء الهدي (١)، قال: وهو كقوله: {صَلَاتِي وَنُسُكِي}[الأنعام: ١٦٢]، يعني: صلاتي وذبحي.
وقال عكرمة:{هُمْ نَاسِكُوهُ}، قال: ذبحًا هم ذابحوه.
ولما قالا وجه، وقد يجوز أن يكون قوله:{مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} يريد: الذبح، ويكون قوله:{مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} يراد به: منهاجًا من الدين، لقوله عز من قائل:{فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ}[الحج: ٦٧]، أي: لا يخالفوا عليك فيما تُعلِّمهم من مناسكهم، ولذلك قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع:"خذوا عني مناسككم"(٢)، واللَّه أعلم بما أراد من ذلك.
وقد قال إبراهيم النخعي في قوله:{لَكُمْ فِيهَا خَيْر}[الحج: ٣٦]، قال: من احتاج إلى ظهر البُدْن ركب، ومن احتاج إلى لبنها شَرِب (٣).
والدنيا والآخرة، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، قد ذكر اللَّه تبارك وتعالى الخير في مواضع من القرآن يريد الدنيا وما فيها، ولكن الخير في هذه الآية
(١) رواه ابن جرير (٩/ ١٨٥)، في تفسير قوله تعالى: {مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}. (٢) تقدم تخريجه. (٣) رواه ابن جرير في تفسيره (٩/ ١٥٢).