٥٥ - قال اللَّه عز وعلا:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ}
قال مجاهد: كان ناس من أهل الكتاب أسلموا، فكان المشركون يؤذونهم، فكانوا يصفحون عنهم ويقولون:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}(١).
وكان سيبويه يقول: إن هذه للمُتاركة (٢)، يقول الرجل للرجل: اذهب سلامًا سلام، أي: تاركني (٣) وأُتاركك. فوضع هذا الكلام -واللَّه أعلم- للمتاركة، ألا ترى أن إبراهيم عليه السلام قال ذلك لأبيه حين قال: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم: ٤٦ - ٤٧]، فقد قلنا في ذلك ما فيه كفاية.
قال ابن عباس:{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}[التوبة: ١١٤] قال: موته بيَّن له أنه عدو للَّه، حين مات على كفره (٤).
وقال عطاء: ليس لأحد من المسلمين أسوة في قول إبراهيم: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}[الممتحنة: ٤].
قال اللَّه تبارك وتعالى في قصة موسى عليه السلام، ومخاطبته لفرعون:{وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى}[طه: ٤٧]، وكتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل ذلك إلى قيصر وغيره من الكفار (٥).
(١) رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٨٧). (٢) انظر الكتاب (١/ ٣٢٦). (٣) في الأصل: تاركي. (٤) رواه ابن جزير في تفسير (٦/ ٤٩٢ - ٤٩٣). (٥) ورد في رسالة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هرقل في الصحيح: "عن محمد عبد اللَّه ورسوله إلى =