للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله وهو الذي تحصل من تناوله على طِيبة القلب فإنَّ أَكْلَ الحرام يُوجِبُ قسوته ووحشته، وضياءُ القلوب متصلٌ بصَوْن النفس عن تناول الحرام والشبهات (١).

والحرام تربة خبيثة فكيف لوعاء دنّسه الحرام أن يحمل النور والإيمان وهدي خير الأنام .. إنه غير مؤهل لذلك. فإذا نبت منه الجسد خبُث معدنه وأظلم قلبه، واستمرأت ذاته فعل الحرام وهانت عليها صغائر الذنوب وكبارها وقسى قلبه وكانت النار أولى به كما في الخبر النبويّ: (إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) (٢).

وكما في أنواع العبادات كلها أو أكثرها فإن تحريّ الحلال والورع فيه درجات يتفاوت الناس فيها أشدّ التفاوت بحسب تعظيمهم للآمر سبحانه وبحسب جذْبة الشهوة وإغرائها من حولهم، وإنما يكون انجذابهم لتلك الشهوات بقدر ما في قلوبهم من علمٍ بالله تعالى وتعظيمٍ له، ويقينٍ بما عنده. فانظر إلى حرص أبي بكر الصديق أن لا يدخل جوفه ذرّة من حرام تورّعاً، فلما أكل من طعام


(١) ينظر تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) (١/ ٣٥٤)، وتفسير القشيري (لطائف الإشارات) (١/ ٤٠٣)، والتفسير الوسيط للقرآن الكريم (٢/ ١٠١٦).
(٢) أخرجه أحمد في المسند، (٢٢/ ٣٣٢/ ح ١٤٤٤١)، وقال شعيب الأرناؤوط في مسند أحمد: " إسناده قوي على شرط مسلم".

<<  <   >  >>