المراد بالقبول العام هو أدنى درجات القبول التي تتضمن النجاة من الخلود في النار.
وينقسم الناس بالنسبة لقبولهم لدعوة الرسول ﷺ إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أمة الدعوة: دعوة النبي ﷺ كافة للإنس والجن ويدخل في هؤلاء الكفار واليهود والنصارى وغيرهم بعد بعثة الرسول ﷺ إلى قيام الساعة قال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: ٢٨] وهؤلاء إن لم يجيبوا الدعوة ويؤمنوا فليس فيهم خير وهم من أهل الخلود في النار (١).
القسم الثاني: أمة الإجابة: وهم الذين آمنوا بالله وشهدوا للنبي ﷺ بالرسالة ودخلوا في دين الإسلام ممن أدرك حياته ﷺ أو جاء بعده (٢)، فهؤلاء جميعهم وإن تفرقت بهم السبل فكانوا ثِنْتَيْن وسَبْعِين فِرْقَة كما في الخبر ودخلوا النار فقد منّ الله عليهم بالقبول العام وهو النجاة من الخلود في النار بعفوه وكرمه إلا من خرج منهم من دائرة الإسلام، أو أبطن الكفر (٣)
(١) ينظر القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (٢/ ٤٦٥). (٢) ينظر فتح الباري لابن حجر (١١/ ٤١١)، وفوائد من شرح كتاب التوحيد لعبد العزيز السدحان ص: ٦٨، وقمع الدجاجلة في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة لعبد العزيز الراجحي ص: ٣٧١. (٣) يدل حديث الرسول ﷺ: (وإن هذه الملةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسَبعينَ: ثنتانٍ وسبعونَ في النَّار، وواحدةٌ في الجنة، وهي الجماعة) والحديث أخرجه أبو داود في السنن، (٧/ ٦/ ح ٤٥٩٧) وقال الأرناؤوط: "حديث حسن". قال العلماء أن المقصود من لفظ (أمتي) هي أمة الإجابة لا أمة الدعوة لأن أمة الدعوة يدخل فيها الكفار واليهود والنصارى وغيرهم ممن لم يُجب الدعوة وهؤلاء مخلدون في النار لكفرهم، ينظر فتح الباري (١١/ ٤١١)، وعمدة القاري (٨/ ٤). ثم هناك قوله ﷺ: («يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ) أخرجه البخاري في صحيحه (٨/ ١٧/ ح ٤٤) بين العلماء بناء على ذلك أن من الفرق المفترقة عن هذه الأمة مالم يبطن الكفر منهم فهم ناجون من الخلود في النار بعد عفو الله، أما من أبطن الكفر منهم فهم ليسوا من أمة الإجابة قال ابن تيمية "طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: إنَّ الْجَهْمِيَّة كُفَّارٌ فَلَا يَدْخُلُونَ فِي الِاثْنَتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً كَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِمْ - الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَهُمْ الزَّنَادِقَةُ" مجموع الفتاوى (٣/ ٣٥٠).