للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠ - الترغيب ببيان المفاضلة بين العاملين: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً

وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٥ - ٩٦].

ما أبرع أسلوب الترغيب الرباني في الحضّ على حيازة الأفضل والأمثل ففي قوله: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً﴾ حثٌّ لتتطلع الهمم إلى القمم، ولا تُحط الرحال إلا بعد إدراك غاية الآمال، ففضل الله تعالى لا يتساوى فيه جميع العباد، فمنهم السابق، ومنهم المقتصد، ومنهم من كبا به الجواد. فتلك الدرجات هي عين ما يقتضيه عدله، وما تستلزمه مغفرته ورحمته .

فدقّة التفاضل في الآخرة، ميزان ذو حساسية مرهفة، أرأيت ميزان الذهب ودقته بل هو أشدّ، ميزانٌ وحْدته الذرّة والهباءة التي لا ثقل لها ولا تُرى للعَيان، ولكنها لا تفوت ولا يعجز عن تسجيلها الملكان، قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ

مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] فعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا

<<  <   >  >>