كان منها خالصاً، ويردّ عليه ما لم يُردْ بها وجهه تعالى، فيثيبه على هذا العمل بمخلوق من مخلوقاته من القصور والنعيم والحور، وأما إذا كان العمل كلّه خالصاً لله تعالى، متعلقاً صاحبه بالله على الدوام فإنه إذا رفع إلى الله وقف تجاهه فينظر إليه، فإذا نظر إليه تقبّله ورضي عنه وأرباه ونمّاه إلى أضعاف كثيرة، وأعلى درجة صاحبه ومنزلته عنده، وأعطاه بغير حساب (١) فانظر التفاوت.
[٣ - بحسب طاقة العبد وجهده]
سُئِل رسول الله ﷺ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(جُهْدُ المُقِلِّ)(٢)، فقد يبذل العامل القويّ المعافى عملًا مساوياً لما يبذله الضعيف العاجز فيضاعف الله للضعيف ويجزل له الثواب لأنه بذل جُلّ ما في وسعه وطاقته، فقد ينفق الفقير دراهم معدودة يبتغي بها وجه الله فينال عليها من الأجر ما لا يناله الغنيّ الثريّ الذي ينفق الآلاف المؤلفة، وما ذلك إلا لأن الفقير بذل أقصى ما يستطيع وأفضله، وأحبّه إلى نفسه، وأما الغنيّ فربما يكون قد أنفقه من فضول أمواله التي لا حاجة له بها والتي قد لا تمثل شيئًا بالنسبة إلى رأس ماله الكبير؛ ولذلك قال
(١) ينظر الوابل الصيّب ص: ٣٨. (٢) وهو جزء من حديث أخرجه أحمد في المسند (١٤/ ٣٢٤/ ح ٨٧٠٢)، وابن خزيمة في صحيحه (٤/ ١٠٢/ ح ٢٤٥١)، وابن حبان في صحيحه (٨/ ١٣٤/ ح ٣٣٤٦)، والبيهقي في الشعب، الزكاة، الاختيار في صدقة التطوع (٥/ ١٢٦/ ح ٣١٨٠)، وغيرهم وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (١١١٢).