تناول هذا البحث هؤلاء الذين شرّفهم الله تعالى فنالوا أعلى مراتب القبول من حيث قابليّة الاقتداء، ومساحات التأسّي وليس من موضوعه سرد مناقبهم وما حباهم الله به من مكانة، فإن ذلك لا تتسع له دفتا هذا البحث المتواضع.
قال عزّ مِنْ قائل: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣]. والنصوص ثابتة في فضل صاحب لواء الحمد ﷺ والمقام المحمود الذي قال الله تعالى له:
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]. فصلاته الليل وطول تهجده كان زيادة له في علوّ القدر، ونيل الشرف والكرامة من الله تعالى، وتبوّئه المقام المحمود، قال ﵊:(أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فخرَ، وبيدي لواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما من نبيٍّ يومئذٍ آدمَ فمن سواهُ إلَّا تحتَ لوائي، وأنا أوَّلُ من تنشقُّ عنْهُ الأرضُ ولا فخرَ)(١).
وهو الذي أثنى عليه ربه وأدّبه بأدب القرآن، وعلّمه من محاسن الأخلاق ما لا يُدِرك شَأوه أَحد
(١) أخرجه الترمذي، (٥/ ٣٠٨/ ح ٣١٤٨)، وروى نحوه مسلم (٤/ ١٧٨٢/ ح ٢٢٧٨)، وروى نحوه الإمام أحمد في المسند (١٧/ ١٠/ ح ١٠٩٨٧)، و ابن حبان في صحيحه، (١٤/ ٨٣٩/ ح ٦٤٧٨) وذكره الألباني في صحيح الترمذي (ح ٩٧٧).