من الخلق، وشهد له بذلك إذْ قال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] قال الجنيد (١): " سمّى خُلقه عظيماً، لأنه لم تكن له همّة سوى الله ﷿ "(٢). وقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره من فضائل وشمائل وخصال، قال ﵊:(إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)(٣) فإن كان حُسن الخلق مما يرفع العبد عند الله فيجعله مع درجة الصائم القائم كما صحّ عنه ﵊(٤) فكيف بمن جمع مع حسن الخلق كثرة العبادة فكان صواماً قواماً؟!
ومن بارِزِ شمائله، صفة الرحمة، التي تكمن في ذاته وتفيض منه، فإذا هو فيض رحمات للمؤمنين خاصة وللعالم عامة قال ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
(١) هو الْجُنَيْد أَبُو الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد النهاونديّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ القواريري الخزاز فِي زَمَانه كان شيخ الصوفية ولد بِبَغْدَاد بعد الْعشْرين ومئتين وتفقه في الدين صغيرًا وكان يُفْتِي وَله عشرُون سنة، وأتقن العلم و صحب الحسن بن عرفة، والْحَارث المحاسبي يقال إنه رزق من الذكاء وصواب الرأي مَا لم يرْزق مثله فِي زَمَانه وكان يقول علمنَا مضبوط بِالْكتاب وَالسّنة. مات سنة ثَمَان وَتِسْعين ومئتين. ينظر سير أعلام النبلاء (١١/ ٤٣)، والوافي بالوفيات (١١/ ١٥٥). (٢) تفسير الثعلبي (الكشف والبيان عن تفسير القرآن) (١٠/ ٩). (٣) أخرجه البخاري في الادب المفرد (١/ ١٠٤/ ح ٢٧٣) وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد: "صحيح" (ح ٢٠٧). (٤) وهو حديث (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ) أخرجه أبو داود (٤/ ٢٠٢/ ح ٤٧٩٨)، و البيهقي في الشعب (١٠/ ٣٦٤/ ح ٧٦٣٢)، وأحمد في المسند، (٤٢/ ٣٤٦/ ح ٢٥٥٣٧)، وقال الألباني: "صحيح "في صحيح أبي داود.