لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩] فوصفه الله بوصف الرَّحْمَةِ وَلَمْ يَصِفْ بِهِ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ (١) وقد يتقبل الله عبداً لرحمته مخلوقاً من مخلوقاته فكيف بمن اتصف بالرحمة وكانت سجيّته وفاضت أنسام رحمته على العالمين.
ومن أخلاقه تحمُّله في ذات الله وفي سبيل الدعوة ما تحمّل حتى عُدّ من أولي العزم من الرسل الذين هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه (٢).
﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ متجرداً من جميع حظوظ الدنيا فلا إلى شيء منها، لا إلى مجد، ولا إلى عزة، ولا إلى عصبية جاهلية، ولا إلى مغنم، ولا إلى سلطان ولا جاه. ولكن داعيا إلى الله. ومشعلاً
(١) ينظر التحرير والتنوير (١٧/ ١٦٧). (٢) اختلفوا في تعداد أولي العزم والمشهور أنهم الخمسة وهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ﷺ ينظر تفسير ابن كثير (٧/ ٢٨٢) وآية الأحزاب هي قوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، وآية الشورى هي قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: ١٣].