للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[توطئة]

القبول نتيجة مغيّبة، لا يعلمها إلا الله تعالى، وهو أمرٌ مطلوب لذاته، بل هو غاية ما يرجوه العبد من وراء عمله، والعمل بذاته لا يوجب على الله تعالى ثواباً، إنما الله تعالى هو المتفضل على العبد وهو الذي أوجب على نفسه حقاً لعباده بأن يرحم ويعفو ويغفر ويجعل دار كرامته لمن تقبّل منهم (١)، ودار المهانة لمن أشرك معه. ولقد تفاني السلف الصالح في العمل لنيل شرف القبول، وما يترتب عليه من فوز وفلاح، وما يترتب على انتفائه من خيبة وخسران عياذًا بالله. قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ (٢): "الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ حَقٌّ، فَالْوَعْدُ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ ضَمِنَ لَهُمْ إِذَا فَعَلُوا كَذَا أَنْ يُعْطِيَهُمْ كَذَا وَمَنْ أَوْلَى بِالْوَفَاءِ مِنَ اللهِ؟ وَالْوَعِيدُ حَقُّهُ عَلَى الْعِبَادِ. قَالَ: لَا تَفْعَلُوا كَذَا فَأُعَذِّبَكُمْ فَفَعَلُوا فَإِنْ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ لِأَنَّهُ حَقُّهُ" (٣).


(١) ينظر شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ص: ٢٥١.
(٢) هو يحيى بن معاذ بن جعفر الرازيّ، أبو زكريا: واعظ، زاهد، كان حكيم زمانه قال عنه الذهبي: من كبار المشايخ، له كلام جيد، ومواعظ مشهورة من أهل الري. أقام ببلخ، ومات في نيسابور توفي عام ٢٥٨ هـ، ينظر المتفق والمفترق للخطيب البغدادي (٣/ ٢٠٤٩)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ١٥)، والأعلام للزركلي (٨/ ١٧٢).
(٣) تفسير المنار (٨/ ٨٤).

<<  <   >  >>