ولما كان القبول متعلقاً بالمشيئة فينبغي عدم الجزم به لعدم الجزم بتمام الفعل من نقصانه (١) لأن الحكم بالقبول إنما يكون بناء على الظاهر وعلى ما جاء من النصوص الثابتة، ونكل السرائر والمشيئة إلى المختصّ بها جلّ شأنه.
ففي نُشدان القبول والفوز به وجلت القلوب، وطارت الأنفس، واقشعرّت الجلود، قال تعالى مبيناً حال هؤلاء: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٠].
ويحسن هنا إيراد طائفة من أقوال السلف تجسّد مدى اهتمامهم بأمر القبول، وشدة الإشفاق والوجل أن تُردّ أعمالهم عليهم.
قال ابن رجب الحنبلي: " كان السلفُ الصَّالح يجتهدون في إتمام العمَل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمُّون بعد
(١) ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (٧/ ٤٤٧). (٢) أخرجه أحمد في المسند (٤٢/ ٤٦٥/ ح ٢٥٧٠٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٢١٢/ ح ٧٤٧)، والترمذي في السنن، (٥/ ٣٢٧/ ح ٣١٧٥). وقال الألباني في صحيح ابن ماجة: "حسن" (ح ٤١٩٨).