للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَاعٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَيْنَ دُعَاةٍ إِلَى الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، آمِرٌ بِالْمَعْرُوفِ نَاهٍ عَنِ الْمُنْكَرِ بَيْنَ قَوْمٍ الْمَعْرُوفُ لَدَيْهِمْ مُنْكَرٌ وَالْمُنْكَرُ مَعْرُوفٌ " (١). وقد يعجب سائل فيقول كيف لمجتهدٍ من هذا العصر أن يصل إلى درجة المقربين ولم يعمل عمل أولئك الثلة من الأولين؟

والجواب: أن الله سبحانه هو الحكم العدل إذا حاسب العبد نظر إلى بيئته وعصره. فلكلٍ بيئته وظروفه التي تساعده على العبادة أو تلهيه عنها.

قال ابن تيمية: "فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مَا كَانَ ظَاهِرًا لَهُمْ وَدَقَّ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مَا كَانَ جَلِيّاً لَهُمْ فَكَثُرَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هَذَا فِي السَّلَفِ. وَإِنْ كَانُوا مَعَ هَذَا مُجْتَهِدِينَ مَعْذُورِينَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ وَيُثِيبُهُمْ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ. وَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ مِنْهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجِدُونَ مَنْ يُعِينُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يُعِينُهُمْ عَلَى ذَلِكَ" (٢).

ولكن المهم .. أن على المرء محاولة سبق أقرانه في بيئته في كل طاعة، وعليه أن يستمر على ذلك فلا


(١) مدارج السالكين (٣/ ١٨٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١٣/ ٦٥).

<<  <   >  >>