فعلى كثرة هذه الفتن وانهمار وابل الشهوات، فإن أجر العامل آخر الزمان يزداد ويتضاعف لمعاناته وصبره على ما يلقاه، فقبول العمل بذاته في العصور المتأخرة أشد قبولاً منه في خير القرون، لكن لا خلاف في أن قبول العبد هناك أفضل وأكرم.
فقد يعمل الصحابي عملاً من صلاة أو صدقة أو غيره ثم يأتي مسلم من آخر الزمان فيعمل العمل نفسه فيضاعف له أجره إلى خمسين ضعف و تفصيل ذلك كما يلي:
إن شروط القبول للدرجات العُلى في عصر الصحابة رضوان الله عليهم لا تحرز إلا بالجد والاجتهاد والمثابرة، ألم يقل النبيّ ﷺ لمن سأله مرافقته في الجنة:(فأعنِّي على نَفسِكَ بكثرةِ السُجود)(١).
مثلهم في ذلك مثل من يتنافس لنيل وظيفة عالية المستوى، فإنه إذا كثر المتنافسون عليها زادت شروطها ومتطلباتها؛ وذلك حتى تتميز نخبة منهم فتفوز بذلك المنصب بجدارة. لذلك أرهق ثلة الأولين أبدانهم في العبادة، سهروا ليلهم وأظمأوا نهارهم، وقد شغلوا أوقاتهم بالطاعة وحفظوا أنفسهم عن المعصية، كل منهم يريد الفوز بتلك الرتبة العالية، والمنزلة السامية، منزلة المقربين؛ فعزيز أن يتميز فضلاء منهم وكلهم فاضل.
(١) وهو جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ٣٥٣/ ح ٢٢٦).