للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المعلوم أنه كلما اقترب الناس من الساعة ازدادوا غفلة وبُعداً عن دين الله وشريعته؛ لبعدهم عن خير القرون ولكثرة الشهوات وفتح أبواب النعم: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].

وقد فُتحت الدنيا في هذا الزمان على كثير من الناس، وجاشت الأرض بصنوف النعم التي لم يمدّنا الله بها حُبّاً وكرامة، وإلا لكان رسول الله وصحابته الكرام أولى بها منّا، ولكنه الابتلاء والامتحان، فكلما أحدث المفرطون ذنباً، أحدث الله لهم نعمة، حتى يُغرقهم بالنعم من كل حدب وصوب يستدرجهم بها قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ٥٥ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥، ٥٦].

وبنظرة سريعة على المجتمعات الإسلامية، نرى كيف كان فتْح النعم للبعض من الناس نقمة و بُعداً فتمادوا في الترف والتنعّم، وتهافتوا على كل تفاهة تأتيهم من الغرب أو الشرق، قلدوا الكفار في ملابسهم وهيئاتهم وأعيادهم. ولم تعد الخلاعة حكراً على بلاد الكفر والفسق فقد غزت بضاعتهم الفاسدة بلاد المسلمين، ومنذ أن اعتلت تلك الأطباق السوداء أسطح منازلنا، اعتلى قلوبنا الرّان فأحْلكها، وطمس على بصائرنا فأظلمها إلا من رحم الله.

<<  <   >  >>