اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ١٥٣]. فهو معهم بالحفظ معهم بالعون والنصرة، معهم بالتثبيت على الطاعة، معهم بتيسير المجاهدة، حتى يجدوا لذة الصبر ما داموا قد قهروا النفس وقدموا محاب الله على محابهم.
٤ ــ تُقبل أحسن أعمالهم: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٦]. تقبل طاعاتهم، بل ويجزيهم بأفضل منها بما لا يخطر على بال، ويكرمهم عليها بأعلى المنازل في جنة عدنٍ دار المآل، ويبدّل بؤس حالهم إلى أفضل ما يكون الحال، وزاد مقاتل:"إنما ذكر الأحسن لأنه لا يجازيهم على مساوئ أعمالهم، بل يغفرها لهم"(١). فمن جازاه الله بأحسن عمله غفر ذنوبه فلا يحاسبه عليها. كل ذلك دلالة على سعة الإحسان، وواسع العطاء، وجميل الجزاء نسأل الله العظيم من فضله. هكذا تجمل المعنى كتب التفسير. (٢)
٥ ـ الجزاء الوافر لهم بغير حساب ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠]. فيثيبهم بكل حسنة أضعافاً مضاعفة بغير حساب، ثواباً لا حدّ له، ولا يعلم أحد مقداره، بل يغدق الله عليهم من فضله، وتنهمر عليهم فيوضه وأنهاره، في مقابل صبرهم لأيام قلائل، كانوا
(١) اللباب في علوم الكتاب للنعماني (١٤/ ٣٩٨). (٢) ينظر تفسير أبو السعود (٦/ ١٨٠)، وروح البيان (٦/ ١٦٠)، وتفسير الطبري (١٧/ ٢٨٨).