للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي قوله تعالى في سورة الحجرات: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [آية: ١١] إشارة إلى أمرين: فالأول: إشارة إلى عمق أواصر الأخوة، فلمز الشخص غيره في الحقيقة هو لمزٌ لنفسه وقدحٌ فيها.

والثاني: أن مَنْ لمزَ غيرهُ لمزهُ الناس ولو بعد حين جزاءً وِفاقا (١).

والنميمة من أسباب عذاب القبر ودخول النار و وتأخير القبول فصاحبها من شرار الناس عند الله، قال يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ (٢): النَّمَّامُ شَرٌّ مِنْ السَّاحِرِ يَعْمَلُ النَّمَّامُ فِي سَاعَةٍ مَا لَا يَعْمَلُهُ السَّاحِرُ فِي شَهْرٍ. وقيل عَمَلُ النَّمَّامِ أَضَرُّ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، لِأَنَّ عَمَلَ الشَّيْطَانِ بِالْخَيَالِ وَالْوَسْوَسَةِ. وَعَمَلَ النَّمَّامِ بِالْمُوَاجَهَةِ وَالْمُعَايَنَةِ (٣).

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: ١٩] وَإشاعتهم للفاحشة هو

أَنْ بَعضهم كَانَ يلقى بَعْضاً فَيَقُول لَهُ: أما بلغك كذَا وَكذَا .. (٤) وهذا لا شك هو النمّ سواء


(١) انظر تفسير الطبري (٣/ ٥٤٨).
(٢) هو أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي، وُلد في خلافة المهدي العباسي، وكان عالماً بالفقه بصيراً بالأحكام، ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي،. كان على مذهب أهل السنة، سمع عبد الله بن المبارك وسفيان بن عيينة وغيرهما. ولي قضاء البصرة وسنه عشرون سنة ونحوها رحل في طلب الحديث، وروى عنه الترمذي والبخاري وأبو حاتم وآخرون، وكان من أئمة الاجتهاد. ٢٤٢ هـ ينظر وفيات الأعيان (٦/ ١٦٤)، وتاريخ بغداد (١٤/ ٢٠١).
(٣) ينظر تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمر قندي ص: ١٧١.
(٤) ينظر تفسير السمعاني (٣/ ٥١٢)، وتفسير السعدي ص: ٥٦٣.

<<  <   >  >>