* وأمر بإقامة الصلاة في غير موضع من كتابه، كما أمر بالاستقامة على التوحيد في تينك (٢) الآيتين.
والاستقامة: هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القيم (٣) من غير تَعريج (٤) عنه يَمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها: الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك؛ فصارت هذه الوصية جامعة لخصال الدين كلها.
[[حكمة اقتران الاستقامة بالاستغفار]]
* وفي قوله عز وجل:{فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} إشارة إلى أنه لابد من تقصير في الاستقامة المأمور بها، فيُجْبَر ذلك بالاستغفار المقتضي للتوبة، والرجوع إلى الاستقامة، فهو كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:"اتَّق الله حيثُما كُنْتَ، وأتْبع السيئةَ الحسنةَ تَمحُها (٥).
* وقد أَخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الناس لن يُطيقوا (٦) الاستقامة حق الاستقامة، كما خرَّجه الإمام أحمد، وابن ماجه من حديث ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "استقيموا ولن تُحصُوا (٧)، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (٨).
* وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله: "سَدِّدوا وقاربوا، ولا يحافظ على الصلاة إلا مؤمن" (٩).
(١) الشورى: ١٤. (٢) ب: "تلك". (٣) في م، ب: "القويم". (٤) في م: "تعويج". (٥) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة: باب ما جاء في معاشرة الناس ٤/ ٣٥٥ - ٣٥٦ من طريقين: أحدهما عن أبي ذر، والآخر عن معاذ ثم ذكر أن الصحيح حديا أبي ذر. وقد مضى: الحديث رقم (١٨). (٦) في م: "يستطيعوا". (٧) قال في النهاية ١/ ٣٩٨: أي استقيموا في كل شيء حتى لا تميلوا، ولن تطيقوا الاستقامة، من قوله تعالى: {علم أن لن تحصوه} أي لن تطيقوا عده وضبطه. وقد مضى ص ٣٧٠، ٥٥٠. (٨) مسند أحمد ٢٧٦/ ٥ (الحلبي). وسنن ابن ماجه، في كتاب الطهارة: باب المحافظة على الوضوء ١/ ١٠١ - ١٠٢ وقد ذكر صاحب الزوائد: أن رجال إسناده ثقات أثبات إلا أن في طريقه انقطاعا بين سالم وثوبان، ولكن أخرجه الدارمي وابن حبان في صحيحه من طريق ثوبان متصلًا. وقد أخرجه الدارمي في السنن ١/ ١٦٨ من طريق عن ثوبان. (٩) المسند ٥/ ٢٨٢ عن ثوبان بأتم من هذا.