• وفي رواية لمسلم: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى المسجد؛ فحرم التجارة في الخمر (١).
• وخرج مسلم من حديث أبي سعيد عن النبي - صلى اللّه عليه وآله وسلم - قال:"إن الله حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشربْ ولا يبعْ" قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها (٢).
• وخرج أيضًا من حديث ابن عباس أن رجلًا أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راويةَ خمرٍ؛ فقال له رسولُ اللّه - صلى اللّه عليه وآله وسلم -: "هل عَلِمتَ أن اللّه قد حَرّمها؟ "، قال: لا، قال: فَسَارَّ إنسانًا، فقال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "بم سَاررتَه"؟ قال: أمَرْته ببيعها؟ قال:"إنَّ الذي حَرّم شُرْبَهَا حَرّم بيعَه" قال: "ففتح المزادة (٣) حتى ذَهَبَ ما فيها"(٤).
* * *
[[وحاصل هذه الأحاديث]]
• فالحاصل من هذه الأحاديث كلها أن ما حرم اللّه الانتفاع به؛ فإنه يحرُم بيعُه وأكلُ ثمنه؛ كما جاء مصرّحًا به في الرواية المتقدمة:"إن اللّه إذا حَرّم شيئًا حرَّم ثمنَه".
* * *
[[ما يحرم الانتفاع به قسمان]]
• وهذه كلمة عامة جامعة تطّرد في كل ما كان المقصودُ من الانتفاع به حرامًا، وهو قسمان:
(١) أخرجه مسلم عقب الرواية السابقة، بهذا اللفظ؛ إلا أن في أوله: "لما أنزلت … ". (٢) أخرجه مسلم أول الباب السابق ح ٦٧ - (١٥٧٨) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - قال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يخطب بالمدينة، قال: "يأيها الناس! إن اللّه تعالى يعرض بالخمر، ولعل اللّه سينزل فيها أمرًا؛ فمن كان عنده منها شيء فليبعه به ولينتفْع به" قال: فما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله تعالى حرم الخمر … الحديث. (٣) ا، ب: "المزاد" وهما روايتان بمعنى وكلاهما صحيح. انظر هامش مسلم وشرح النووي. (٤) أخرجه مسلم عقب الحديث السابق ح ٦٨ - (١٥٧٩) باللفظ المذكور وفيه: أن عبد الرحمن بن وعلة - من أهل مصر - سأل عبد اللّه بن عباس عما يعصر من العنب؟ فقال ابن عباس: إن رجلًا أهدى لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر … الحديث.