وإن أتى ذلك لاعتقاده أنه حلال - إما باجتهاد سائغ أو تقليد سائغ وكان مخطئًا في اعتقاده - فحكمه حكم الذي قبله.
فإن كان الاجتهاد ضعيفًا أو التقليد غير سائغ وإنما حمل عليه مجرد اتباع الهوى - فحكمه حكم من أتاه مع اشتباهه عليه.
* * *
[[من يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه]]
والذي يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه قد أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وقع في الحرام فهذا يفسر بمعنيين:
أحدهما: أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنه حرام بالتدريج والتسامح، وفي رواية في الصحيحين لهذا الحديث:"ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أو شك أن يواقع ما استبان"(١).
وفي رواية "مَنْ يُخالِطُ الرَّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ (أي يقرب أن يقدم) على الحرام المحض"(٢).
والجسور: المقدام الذي لا يهاب شيئًا، ولا يراقب أحدًا.
ورواه بعضهم يجشر بالشين المعجمة أي يرتع والجشر الرعي وجشرت الدابة إذا رعيتها.
* * *
• وفي مراسيل أبي المتوكل النَّاجى (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "منْ يَرعَى بجَنَبَاتِ الْحَرامِ
(١) هي التي أخرجها البخاري ٤/ ٢٩٠. وليست في مسلم؛ على ما سبق. (٢) ليس هذا في الصحيحين كما قد يتبادر من صنيع ابن رجب فقد رويت هذه الجملة - في غير الصحيحين رواها النسائي في البيوع: باب اجتناب الشبهات في الكسب ٧/ ٢٤١ - ٢٤٣ من حديث النعمان بن بشير، وفيه: وإن بين ذلك أمورًا مشتبهة، وقال: وسأضرب لكم في ذلك مثلا: إن الله عز وجل حَمَى حِمىً، وإن حمى الله عز وجل ما حرم، وأنه من يرتع حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى، وربما قال: إنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، وإن من يخالط الريبة يوشك أن يجسر وأخرجه النسائي أيضًا في الأشربة: باب الحث على ترك الشبهات ٨/ ٣٢٧ وابن حبان ٢/ ٤٩٧ بإسناد صحيح. وأبو داود في البيوع: باب اجتناب الشبهات ٣/ ٦٢٣ - ٦٢٤. (٣) هو علي بن داود - يقال - داود - الساجي البصري. روى عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم. وعنه ثابت البناني وقتادة وغيرهما. وثقه النسائي وابن حبان وغيرهما. توفي سنة ١٠٨ وترجمته في التهذيب ٧/ ٣١٨.