وفي مسند البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رَأَيْتُ قَوْمًا أَخيرَ مِنْ أَصحَاب مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَا سَألُوه إلا عَنْ اثْنَتيْ عَشْرةَ مَسْأَلَةً كُلها في القَرْآن:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}(١){يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}(٢){وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى}(٣) وذكر الحديث (٤).
* * *
[[السؤال عما يتوقع]]
وقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا يسألونه عن حكم حوادث قبل وقوعها لكن للعمل بها عند وقوعها، كما قالوا له: إنا لاقُوا العدوِّ غدا، وليس معنا مُدًى أفنذبح بالقصب؟ وسألوه عن الأمراء الذين أخبر عنهم بعده، وعن طاعتهم، وقتالهم.
وسأله حذيفة عن الفتن وما يصنع فيها.
* * *
[عودٌ إلى الحديث]:
فهذا الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم":
يدل على كراهة المسائل وذمها.
[هل كان خاصًّا بزمنه - صلى الله عليه وسلم -؟]:
ولكن بعض الناس يزعم أن ذلك كان مختصًّا بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يخشى حينئذ من تحريم ما لم يحرم، أو إيجاب ما يشق القيام به، وهذا قد أمن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن ليس هذا وحده هو سبب كراهية المسائل، بل له سبب آخر، وهو الذي أشار إليه ابن عباس في كلامه الذي ذكرناه بقوله: ولكن انتظروا فإذا نزل القرآن فإنكم لا
(١) سورة البقرة: ٢١٩. (٢) سورة البقرة: ٢١٧. (٣) سورة البقرة: ٢٢٠. (٤) أخرجه الدرامي في سننه ١/ ٥٠ - ٥١ وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٥٨ - ١٥٩ عن الطبراني في الكبير، قال: وفيه عطاء بن السائب ثقة ولكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات. وهو عند ابن عبد البر في جامع بيان العلم ٢/ ١٠٦٢ ح ٢٠٥٣ من طريق عطاء كذلك؛ فإسناده ضعيف لذلك؛ سيما الرواية عنه في هذا الحديث بعد اختلاطه وانظر ما ذكره المحقق.