حكم اللّه ورسوله بالكلية، فهو مردرد على عامله، وعامله يدخل تحت قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}(١).
[مطلب: التقربُ إلى اللّه بسماع الملاهي أو بالرقص بدعة حرام (٢)]
فمن تقرب إلى اللّه بعمل لم يجعله اللّه ورسوله قربة إلى اللّه فعمله باطل مردود عليه، وهو شبيه بحال الذين كانت صلاتهم عند البيت مُكَاءً وتَصْدِيةً.
* * *
وهذا كمن تقرب إلى اللّه تعالى بسماع الملاهي أو بالرقص أو بكشف الرأس في غير الإحرام وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع اللّه ورسوله التقرب بها بالكلية.
* * *
[[ما يكون قربة في عبادة قد لا يكون قربة في سواها]]
وليس ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقًا. فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا قائمًا في الشمس فسأل عنه فقيل: إنه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل وأن يصوم.
فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقعد ويستظل وأن يتم صومه (٣) يجعل قيامه وبروزه في الشمس قربة يوفى بنذرهما.
* * *
وقد روي أن ذلك كان في يوم جمعة عند سماع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهو على المنبر، فنذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب؛ إعظاما لسماع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قربة يوفى بنذره مع أن القيام عبادة في مواضع أخرى كالصلاة والأذان والدعاء بعرفة، والبروز للشمس قربة للمحرم، فدل على أنه ليس كل
(١) سورة الشورى: ٢١. (٢) هذا العنوان: بهامش "ب" في هذا الموضع. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك وفي معصية ١١/ ٥٨٦. وأبو داود في سننه: كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر في المعصية ٢/ ٥٩٩ / ٥٦٠ من رواية عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم، ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه. وابن ماجه في السنن: كتاب الكفارات: باب من خلط في نذره طاعة بعصية ١/ ٩٩٠.