* وأما على رواية من رَوَى: "قل: آمنت بالله، فالمعنى أظهر؛ لأن الإيمان يدخل فيه الأعمال الصالحة عند السلف، ومَن تابعَهُم من أهل الحديث، وقال الله عز وجل:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(١) فأمره أن يستقيم ومن تاب معه، وأن لا يجاوزوا ما أمروا به وهو الطغيان وأخبر أنه بصير بأعمالهما (٢) مطّلع عليها؛ قال تعالى:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}(٣).
وقال قتادة: أُمِر محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يستقيم على أمر الله (٤).
وقال الثوري: على القرآن (٥).
وعن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية شمّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رُئي ضاحكًا.
خرجه ابن أبي حاتم.
وذكر القشيري وغيره عن بعضهم: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال له: يا رسول الله! قلتَ شيَّبتني هُودٌ وأَخواتُها فما شيَّبَك منها؟ قال: قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}(٦).
وقال عز وجل:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ}(٧).
وقد أمر الله تعالى بإقامة الدين عمومًا كما قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا
(١) سورة هود: ١١٢. (٢) في "م": "بأعمالكم" وهو تحريف. (٣) سورة الشورى: ١٥. (٤) انظر الدر المنثور ٣/ ٣٥١ فقد أخرجه السيوطي عن أبي الشيخ وابن أبي حاتم. (٥) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٧/ ٣٥١ عن أبي الشيخ. (٦) أخرج الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٤٣ من حديث ابن عباس قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أراك قد شبت؟ قال: شيبتني "هود"، "والواقعة"، "وعم يتساءلون"، "وإذا الشمس كورت". وقد صححه الحاكم على شرط البخاري وأقره الذهبي. وأورده الشيخ الألباني في الصحيحة ٩٥٥ ورواه الترمذي في كتاب التفسير: باب من سورة الواقعة ٥/ ٤٠١ وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه ثم أورد له طرقا أخرى. (٧) سورة فصلت: ٦.