ذكروه، فوجلت قلوبهم فرقًا وهيبة، فلو حرقوا بالنار لم يجدوا مس النار، وآخرون ذكروه في الشتاء وبرده، فارفضُّوا عرفًا من خَوْفِهِ، وقوم ذكروه، فحالت ألوانُهم غِيَرًا، وقوم ذكروه، فَجفّتْ أعينُهم سَهَرًا.
* * *
• صلّى أبو يزيد الظّهر، فلَّما أراد أن يكبّر لم يقدِرْ إجلالًا لاسْمِ الله، وارتعدتَ فرائصه، حتى سُمِعَتْ قعقعةُ عِظَامِهِ.
* * *
كان أبو حفص النيسابوري، إذا ذكر الله تغيّرت عليه حاله، حتى يرى جميعَ ذلك مَنْ عنده.
وكان يقول: ما أظنّ أن مُحِقًّا يذْكُر الله عَن غير غفلة، ثم يبقى حيًّا إلا الأنبياءَ، فإنهم أُيدُوا بقوة النبوة، وخواصُّ الأولياء بقوةِ ولايتهم (١).
* * *
إذا سَمِعَتْ باسْم الْحَبِيبِ تَقَعْقَعَتْ … مفاصِلُهَا مِنْ هَوْلِ ما تتَذكّرُ!؟
وقف أبو يزيد ليلة إلى الصباح يجتهد أن يقول:"لا إله إلا الله" فما قدر إجلالًا وهيبة، فلما كانَ عند الصباح نزل؛ فبال الدم.
* * *
وما ذكرتكُمُ إلا نَسيتُكُمُ … نِسيانَ إِجْلَالٍ لا نسيانَ إهْمَالِ
إذا تذكرتُ مَنْ أنتم وكَيفَ أنا … أجْلَلْتُ مِثْلَكُمُ يخطر علَى بَالي
* * *
الذكر لذةُ قلُوب العَارِفين؛ قال الله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(٢).
• قال مالك بن دينار: ما تلذذ المتلذذُونَ بمثل ذكرِ الله.
(١) أورده ابن الجوزي في صفة الصفوة بسياقه تامًّا ٤/ ١١٩ وفيه قبل هذا: "وقال مرة، وقد ذكر الله تعالى وتغيرت حاله، فلما رجع قال: ما أبعد ذكرنا عن ذكر المحققين؛ فما أظن أن محقًّا … ". (٢) سورة الرعد: ٢٨.