فقيل له:{قُمِ اللَّيْلَ} قم فصَلِّه، {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} قال: هو القرآن، وهو ثقيل مبارك، وكل حقٍّ ثقيل في الدنيا، ويثقل في الميزان يوم القيامة.
وثِقَلُه: العملُ بما فيه، وما رضي اللَّه تعالى من العباد بقول لا فعل معه، ولا بعلم لا عمل معه، فكانت صلاة الليل فريضة، فصلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنون الليل على ما أمرهم اللَّه به.
قال: ثم إن اللَّه عز وجل منّ على عباده فخَفَّفَها، ووضع منها، فقال عز مِن قائل:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}[المزمل: ٢٠] يقول: ساعاتِهما، {أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}(١)، من القرآن ها هنا يعني: ما تيسر من قيام الليل، فاقرؤوا فيه القرآن، فجاء هذا بنسخ الأول، ووَسَّع اللَّه تبارك وتعالى على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووضع عنه وعن أمته، وأنزل الفرائض، ونسخ صلاة الليل، ثم قال بعد الفريصة:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء: ٧٩].
قال ابن عباس:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} في صلاة الليل.
٧٠ - حدثنا محمد بن صالح، قال: حدثنا أبو حُمَّة محمد بن يوسف الزبيدي (٢)، قال: نا عبد الرحمن بن طاوس بن محمد بن عبد اللَّه بن طاوس، عن محمد بن عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: {فَاقْرَءُوا (٣) مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}، قال:"مائة آية"(٤).
وقال ابن شُبرمة، عن الحسن:{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}، علم أن لن تطيقوه (٥).
(١) في الأصل: ما تيسر منه. (٢) في الأصل: الزيدي، وما أثبته هو الصواب، وقد تقدم تصويبه. (٣) في الأصل: اقرؤوا. (٤) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٠٩٤٠ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٣٠): فيه عبد الرحمن بن طاوس ولم أعرفه، وبقية رجاله وُثِّقوا. (٥) رواه ابن جرير في تفسيره (١٢/ ٢٩٣)، عن عباد بن راشد عن الحسن.