٤ - ويفيد معنى التكلّف في القبول أو المبالغة في إظهار القبول (١) قال ابن حيان "فالتَّقَبُّلُ تَكَلُّفُ الْقَبُولِ، وَذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ الْعَمَلُ نَاقِصًا لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْبَلَ"(٢) أو كما يتوهم صاحبه ذلك، فيتقبله الله ويتجاوز عن عيوبه ويتلقاه بالنظرة الراضية المستحسنة (٣)، لذا قالت أم مريم حينما نذرت ما في بطنها: ﴿فَتَقَبَّلْ مِنِّي﴾ [آل عمران: ٣٥] فتقبّل الله منها مريم ﵂ وقال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا﴾
[آل عمران: ٣٧] أي تسلّم هذه النذيرة بالرضا وذلك مع كونها أنثى والمعلوم أن الأنثى لا تصلح لخدمة بيوت العبادة فتقبلها كما يقبل الذكر بل وتقبّلها قبل أن تنشأ وتصلح للسدانة (٤).
وكذا قول النبيين الكريمين إبراهيم وإسماعيل ﵉ وهما يبنيان البيت كما حكى الله تعالى عنهما في قوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ [البقرة: ١٢٧] فهما يقدمّان هذا العمل المتواضع على حريرة من الإشفاق واعتراف بالتقصير والقِلّة وخوف عدم القبول (٥).
يظهر من خلال المعنى السابق أن طلب التقبّل من مقدّم العمل كقولك (تقبّل مني) فيه استشعار بقصور العمل وتواضع العامل.
(١) ينظر تفسير الرازي (مفاتيح الغيب) (٨/ ٢٠٥). (٢) تفسير البحر المحيط (١/ ٥٥٧). (٣) ينظر زهرة التفاسير (٣/ ١١٩٩). (٤) ينظر تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (١/ ٣٤٧)، وتفسير النيسابوري (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) (١/ ٤٠١). (٥) ينظر تفسير ابن عرفة (١/ ٤١٨)، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي (٢/ ١٥٨).