للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَإِقَامَةِ أَمْرِ اللَّهِ (١).

وما بلغت الأمة هذه المرتبة السامية من الخيرية إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٠].

وفي المقابل فقد ذم الله تعالى بني إسرائيل ولعنهم، وسخط عليهم لتركهم هذه الشعيرة العظيمة فقال: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: ٧٩].

والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ يستلزم الصبر والمصابرة ولهذا اختص الله الصابرين بالمحبة وعظيم الثواب، وفي الحقيقة فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يقود الفرد إلى ما يكره ممن يأمرهم وينهاهم فيتسببون في ظلمه والتطاول عليه، وهذا يندرج تحت الصبر الاختياري (٢) وهو النوع الأعلى والدرجة الأسمى التي هي من سمات أولي العزم من الرسل.


(١) ينظر تفسير الطبري (٢٤/ ٦١٤)، وتفسير البغوي (٨/ ٥٢٢)، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (٤/ ٤٨٧).
(٢) فالصبر قسمان: صبر اضطراري، وصبر اختياري، فالصبر الاضطراري هو: صبر على أقدار الله عزوجل كالمصائب التي تجري بدون اختيار العبد، أما الصبر الاختياري فهو الصبر على أمر غير مرغوب فيه كالمصائب الواقعة على العبد من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالظلم والسجن والعقاب ولهذا ذكر ابن تيمية أن الصبر الاختياري أشد وأعظم أجرًا. فصبر أيوب على المرض صبر اضطراري، أما صبر النبي على أذية قريش فصبر اختياري فقد خيره ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين فأبى. انظر أمراض القلب وشفاؤها لابن تيمية ص ١٩ - ٢٠

<<  <   >  >>