وإذا خشع القلب تبعته سائر الجوارح بالذلة والسكينة. فالخشوع بذوره في القلب وثماره على الجوارح، وكلما كان العبد أشدّ استحضاراً لمقام ربه كان قلبه أشد خشوعاً وخشيةً، وكان له ربه أكثر قبولاً، ولمآله أرفع منزلةً.
وتتفاوت القلوب في الخشوع بحسب معرفتها لمن خشعت له، ويقينها بأسمائه وصفاته، فمن خاشع لاستشعاره بأن الله هو القريب المجيب، ومن خاشع محبةً بأنه تعالى الودود اللطيف الوهاب الرزاق، ومن خاشع لاستحضار المشاهدة والمراقبة بأنه سبحانه الحفيظ الرقيب، ومن خاشع استحياء بأنه السميع البصير، ومن خاشع لاستشعار صفات العزة والكبرياء والجبروت، ومن خاشع شوقاً لكماله وجماله بأنه جميلٌ قدّوس، من خاشع خوفاً بأنه العزيز المنتقم، ومن خاشع رجاءً بأنه العفو الكريم، والله تعالى قريب من الخاشعة قلوبهم قريب ممن يناجيه، وممن يستغفرونه بالأسحار، ومن زوّار بيوته المتضرعين إليه، ينظر إليهم، ويباهي بهم الملائكة.
فإذا نظر الله لقلب عبده المؤمن ورآه خاشعاً ساكناً متذللاً منكسراً له تقبّله وأحبّه فالله تعالى عند المنكسرة قلوبهم (١).