للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٧٢] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟) (١) قال ابن دقيق العيد (٢) في شرح قوله: (أشعث أغبر) أي: "يطيل السفر في وجوه الطاعات: الحج والجهاد وغير ذلك من وجوه البر ومع هذا فلا يستجاب له لكون مطعمه ومشربه وملبسه حراماً فكيف بمن هو منهمك في الدنيا أو في مظالم العباد أو من الغافلين عن أنواع العبادات والخير" (٣).

فينبغي للمؤمن طلب الحلال في سماحة ورفق، وترك الحرام في زهدٍ وأنفَه، إيماناً واحتساباً للحصول على القبول والثواب.

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٨٧ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، (٢/ ٧٠٣/ ح ١٠١٥).
(٢) هو الإمام العلامة مُحَمَّد بن عَليّ بن وهب بن مُطِيع أبو الفتح ابْن دَقِيق الْعِيد الْقشيرِي المنفلوطي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي، أحد كبار علماء زمانه، له تصانيف مشهورة ولد بالحجاز ونشأ بمصر واشتغل بمذهب الإمام مالك ثم الشافعي اشتهر بالعلم والورع والزهد، توفي سنة ثلاث وسبع مائة بالقاهرة. ينظر سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٤٢)، وطبقات الشافعية ص: ٩٥٢.
(٣) شرح الاربعين النووية لابن دقيق العيد ص: ٥٩.

<<  <   >  >>