للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجنة درجات بعضها فوق بعض وما بين كل درجة والتي تليها مسيرة خمسمائة عام كما بين السماء والأرض كما بينت ذلك السنة المطهرة فقال : (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنُ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنُ الْكَوْكَبَ الدَّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ) (١). ولاشك أن المراد بالتفاضل هو تفاضل ما بينهم في درجات القبول عند الله.

وفي الخبر: (الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ … ) (٢). وقد تتفاوت كذلك درجات القبول (٣) ولعل حسان بن عطية (٤) بيّن شيئاً مما نشير إليه حين قال: (إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض وذلك أن أحدهما مقبل على الله ﷿ والآخر ساهٍ غافل) (٥).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤/ ١١٩/ ح ٣٢٥٦).
(٢) جزء من حديث أخرجه ابن ماجة في السنن (٢/ ١٦٢/ ح ٤٣٣١)، وأخرج نحوه أحمد في المسند (٣٧/ ٤٠٤/ ٢٢٧٣٨)، وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٢٤٧) وقال الألباني: "صحيح" في صحيح ابن ماجة.
(٣) هذا لا ينافي كون درجات القبول معنوية ودرجات الجنة حسية.
(٤) هو حسان بن عطية أبو بكر المحاربي الدمشقي، مِنْ أَهْلِ بَيْرُوْتَ، حدث عن طائفة من السلف أمثال أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُوْلِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ عَمَلاً فِي الخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ، رمي بالقدر ولعله رجع عنه، بقي إلى سنة ثلاثين ومئة. ينظر سير أعلام النبلاء (٦/ ١٧٦).
(٥) الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم ص: ٣٦.

<<  <   >  >>