فقالوا: إن الله فقير يستقرض! (١). وإنما هو عرض سخيّ، عرض ميمون، للحصول على أجر مضمون، وسداد مضاعف، ثم يعرض لهم شيئاً من ذلك الأجر الكريم ما لو كان في الدنيا لتدافع الناس للحصول عليه، ولو نالوا في سبيل ذلك من المصاعب والمكاره الكثير فقال تعالى: ﴿قُلْ
أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ١٥]. بعد أن عرَض لهم شهوات الدنيا التي غالباً ما ينكب الناس عليها ويتنافسون، وهي الزائلة الفانية، أخبرهم والإخبار هنا بما يحتويه من أسلوب بياني، وإثارة للخيال بمثابة العرض لهم لما هو أنفس وأعلى، وهو القمة في أسلوب الإغراء حيث عرَض أفضل ما هو متداول بين الناس، وأعلى المرغوب عندهم، ثم يطرح ما يكتسح ذلك كله، ويصرف تطلعاتهم إلى الأفضل والأبقى.
ويأتي الخطاب لموسى ﵇ في دعوته وعرضه الهداية لفرعون في قوله: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ١٧ فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ١٨ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات: ١٧ - ١٩]. بما يحمله من إغراء للإقبال عليه وكما قال:
﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤]. فإن في هذا الأسلوب مِنْ لطْف