ويبيّن شدة الأسف والحسرة وتمني العودة والاستقامة في قوله: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ٢٧ يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٧ - ٢٨]. فهو أسلوب يبيّن ندم الخاسر وتمنيه حيث لا ينفع التمني، وتَبرّيه من سوء عمله حيث لا يجدي التبرّي. وكل ذلك تحذير إلى ما ستؤول إليه نفس الغافل حينما توصد في وجهه أبواب القبول، وليس له إلا مواجهة المصير الأسود المحتوم (١).
وفي الاستفهام: تظهر فئة المكذبين المستكبرين الذين أُغلقت في وجوههم أبواب القبول لافترائهم على الله، فهم يصفون ما يحويه القرآن من حقائق عن الأولين وعظات للمعتبرين، وهدى لعلاج القلوب، ونور للدلالة على أقوم الدروب بأنه أساطير وخرافات: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل: ٢٤]. لا جرم أن الله تعالى لم يتقبل منهم وأنه أعد لهم أسوء جزاء ومصير. وفي المقابل يُلقي الضوء على المؤمنين المتقين وإلى صدق ردّهم وصوابه عند سؤالهم عن ماذا أنزل الله: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ [النحل: ٣٠].
(١) ينظر التفسير الميسّر ص: ٣٦٢، وزهرة التفاسير (١٠/ ٥٢٧١)، والإتقان في علوم القرآن (٣/ ٣١٧).