وقال تعالى ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨].
لا مثيل لكرم الله ﷿ وسعة عطائه، تأمل كيف يؤدي العبد الطاعة التي هي من واجباته كعبد تجاه سيده ومولاه، وخالقه ووليّ نعمته، ثم يجد قبولها والشكر والثناء من الله عليها مع أن نفعها عائد إلى العبد نفسه، فكأن الله تعالى يشكره على معروف صنعه لنفع نفسه. فلا يخفى أن التعبير بالشكر فيه ترغيب في السعي لعمل الآخرة، وحثّ للإكثار من عمل الخير وجميع أعمال البرّ على إطلاقها، فإن الله تعالى يقبل طاعة العبد ويشكره عليها، قال الزجاج (١): "الشُّكْر من الله تَعَالَى هُوَ إثابته الشاكر على شكره فَجعل ثَوَابه للشكر وقبوله للطاعة شكرا"(٢).
والشكر: عرفان الإحسان ونشره.
ومن أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وصفاته أنه (الشَّكُورُ) فهُوَ الَّذِي يَزْكُو عِنْدَهُ القَلِيلُ مِنْ أعْمالِ الْعِبَادِ فيُضاَعف لَهُمُ الجَزَاء بالكثير الذي لا حصر له ولا عدّ، فهو الواسع العطاء سبحانه (٣).
(١) هو أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن السَّريّ الزَّجَّاج، من أكابر أهل اللغة العربية، وكان حسن العقيدة، جميل الطريقة. لَهُ كتاب " مَعَاني الْقُرْآن وَشرح إعرابه "، وَله كتاب " الِاشْتِقَاق "، ومصنفات أخرى، تُوفي سنة ستَّ عشرَة وثلاثمائة. ينظر تاريخ العلماء النحويين للتنوخي ص: ٣٨، ونزهة الألباء في طبقات الأدباء ص: ١٨٣. (٢) تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص: ٤٧. (٣) ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٤٩٣).