للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و هل يقبل الله تعالى الاستغفار بدون توبة؟

بيّن ابن تيمية أن الاستغفار لا بد أن يقترن مع التوبة وهذا عام في كل من يستغفر، ولكل معصية. فإن الاستغفار بدون التوبة، لا يستلزم المغفرة، وَلَكِنْ هُوَ سَبَبٌ مِنَ الْأَسْبَابِ. لكن يوجد استغفار بدون توبة وقد ينفع في حق بعض الناس دون البعض، فبعض الناس يستغفر ولم يتب، لكن يحصل له عند الاستغفار من الخشية والإنابة ما يتجاوز الله به عن خطاياه بسبب ما قارن ذلك الاستغفار من الانكسار والخشية والإنابة إلى الله كما في حديث البطاقة المعروف، وهو أرجى حديث للعصاة عند أهل السنة والجماعة، (يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ، فَيُنْشَرُ علَيه تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلّا، … ) (١) فصاحب البطاقة لم يُعذب، وجميع أصحاب الكبائر هم ممن قالها ولكن منهم من يعذب بالنار، كما ثبت في الصحيح، أما صاحب البطاقة فقد قالها عن توبة وإخلاص، ولهذا إذا تاب فالتوبة تكفيه، وقد ثقلت بطاقته بتلك السيئات مع أن السيئات لم تُمح عنه؛ لكن قوله إياها بصدق وإخلاص استغرقت جميع سيئاته وطغت عليها فغفرها الله له، وكثير من الناس يقولونها وليس عندهم صدق وإخلاص فيعذبون بسيئاتهم. ولا يقبل استغفارهم، ومع أن صاحب البطاقة لم يستغفر


(١) ينظر الحديث في صحيح ابن ماجة للألباني (٥/ ٦/ ح ٤٣٠٠).

<<  <   >  >>