للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي فَطَرَنِي﴾ … إلى قوله: ﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾، ثم أقبل على المرسلين فقال لهم:

﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ فتألب عليه الناس فقتلوه (١).

فكان من أهم شمائل هذا الرجل الصالح تصديقه المرسلين ومسارعته إلى طاعة الله تعالى ومبادرته بنفسه في سبيل الله ﷿ وقوله مقالة الحق أمام أهل الظلم والطغيان.

وظاهر الآية يدل أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان. ولم يكن في عزوة من قومه أو منعة من عشيرته. ولكنها العقيدة الحيّة في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها ينصحهم ويعظهم ﴿يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.

إن الذي يدعو مثل هذه الدعوة، ويجتهد في تبليغ الحقّ، وهو لا يطلب أجراً، ولا يبتغي مغنماً .. إنه لصادق. وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء؟ ما الذي يدفعه إلى حمل همّ الدعوة؟ ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة؟ والتعرض لأذاهم وشرّهم واستهزائهم وتنكيلهم، وهو لا يجني من ذلك كسباً، ولا يطلب منهم أجراً؟

ثم تراه يعود ليناشدهم مرة أخرى ليوقظ فيهم تلك العقول السامدة الغافلة، ويشرح لهم


(١) ينظر الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره للقيسي (٩/ ٦٠١٧).

<<  <   >  >>