للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل يستوي اصطفاء الأنبياء واصطفاء الظالم لنفسه من الموحدين.

وهل يستوي الظالم والمقتصد والسابق في ذلك؟ وفي آية مريم إشارة إلى درجات الاصطفاء فقد بينت الآية اصطفاءها مرتين: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢﴾ فالاصطفاء الأول يرجع إلى علو قدرها وما خصّها الله به من الصفات الحميدة والأفعال السديدة، والاصطفاء الثاني يرجع إلى تفضيلها على نساء العالمين (١). وقد قال الله تعالى في محكم كتابه أنه تقبّل مريم بقبول حسن وقال إنه اصطفاها فدل على أن الاصطفاء كما هو القبول مراتب ودرجات فهو اصطفاء واختيار واجتباء ثم كرامة ومنزلة وعلو شأن ورفعة على الخلق وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

ومن هنا يتضّح أن الاصطفاء في القرآن يندرج فيه معنى القبول وهو متضمّن له.

وهناك ألفاظ في الكتاب الكريم تشير إلى القبول تصريحاً أو تتضمّن أن الله تعالى تقبل عملاً معيناً أو عبداً معيّناً ممن دلّت عليهم بعض الآيات على وجه الخصوص، أما على وجه العموم ففيها دعوة للعمل بمقتضى هذه الآيات لنيل شرف القبول والدخول في حظيرته ومن ذلك التصريح:

١ - بلفظ القبول أو أحد مشتقاته كقوله تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾ [آل عمران: ٣٧] وذلك لما


(١) ينظر تفسير السعدي ص: ١٣٠، والبحر المحيط في التفسير (٣/ ١٤٦)، وتفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن (٤/ ٨٢).

<<  <   >  >>